هجوم البصيرة في دير الزور: “داعش” يغيّر أسلوبه ويتحدى الإنزالات الجوية.

تحت هذا العنوان نشرت صحيفة النهار اللبنانية مقالا مطولا تحدثت فيه عن تطورات المشهد العسكري والأمني في محافظة دير الزور شرق سورية، حيث ذكر المقال جملة من الأحداث والعمليات النوعية ومدى تطورها وجرأتها على قوات قسد ومن ورائها القوات الأمريكية التي ردت بدورها بعمليات انزال واعتقالات واعدامات ميدانية طالت أشخاصا قيل أن لهم علاقات بتنظيم الدولة في المنطقة. هذا وننشر المقال كما ورد حرفيا في جريدة النهار اللبنانية.

النهار عدد الخميس 16/12/2021

تشهد مدينة البصيرة شرق دير الزور في سوريا أحداثاً أمنية مستمرة منذ يوم الجمعة الماضي، في أعقاب هجوم مزدوج نفذه تنظيم “داعش” ضد مقار عسكرية لـ”قوات سوريا الديموقراطية” (قسد). نوعيّة الردّ الذي تضمن إنزالاً جويّاً وحملات مداهمة واعتقال وإعدامات ميدانية، لا تترك مجالاً للشك في أن ضربة “داعش” أصابت وتراً حساساً ليس لدى “قسد” وحسب بل أيضاً لدى قوات التحالف الدولي التي وجدت نفسها منخرطة بشكل فعال في سلسلة عمليات الرد على الضربة المفاجئة. ويأتي ذلك في سياق حالة من الالتباس والغموض تمر بها منطقة شرق الفرات بالتزامن مع إعلان قوات التحالف الدولي انتهاء “مهماتها القتالية” في العراق المجاور للمنطقة، ووقوع قيادة “قسد” في فخّ “الانتظار القاتل” تحسباً لأي خطوة أميركية غير متوقعة بخصوص سوريا وبخاصة في ظل مواصلة السلطات التركية سياسة التهديد بالتوغل في مناطق خاضعة لسيطرتها.

هجوم مزدوج لـ”داعش”

ما يستوقف في هجوم البصيرة أنه قد يكون الأول من نوعه منذ هزيمة “داعش” في الباغوز ربيع عام 2019 الذي يعبّر عن قدرة التنظيم على التخطيط وتنفيذ ضربات مركزة ضد مواقع محددة من دون اتباع سياسة “اضرب واهرب” بل كأن “داعش” لأسباب معينة أراد هذه المرة أن يظهر قدرته على ضرب الهدف نفسه مرتين متتاليتين خلال ساعات قليلة، الأمر الذي من شأنه ان يثير تساؤلات كثيرة عما إذا كانت هذه الهجمة مجرد رمية من غير رامٍ أم أن “داعش” توسلها لإيصال رسائل لمن يهمه الأمر.

وقد استهدفت الهجمة الأولى مقر قيادة “اللواء الأول” التابع لـ”قسد”، في مدينة البصيرة، حوالى الساعة 7:45 مساء يوم الجمعة الماضي، بدأها المهاجمون بإطلاق قذيفتي RPG استهدفت المقر، تلاها اشتباك بالأسلحة الخفيفة، وأسفرت عن مقتل الشاب عزام عديش الغضبان برصاص طائش مصدره الاشتباك، أثناء تواجده في منزله، وهو مدني يعمل بائعاً للعطورات في البلدة.

الهجمة الأولى في البصيرة تزامنت مع هجوم مسلّح أيضاً، على حاجز لـ”قسد” في محطة الري بقرية الزرّ بريف دير الزور الشرقي، ولم تسجل على خلفيته أي خسائر بشرية.

وبعد الهجوم الأول بحوالى 3 ساعات ونصف الساعة، تكرر الهجوم بصورة مشابهة للهجمة الأولى، بدأت بأربع قذائف RPG استهدفت المقر ذاته، تلاها اشتباك لحوالى 10 دقائق، لينسحب المهاجمون من دون تسجيل إصابات بشرية.

وسبق هاتين الحادثتين في البصيرة، تعليق مناشير تحمل ختم تنظيم “داعش”، على عدد من مساجد ريف دير الزور الشرقي، حملت تهديدات لمَن ينتحل صفة التنظيم، ويسلب باسمه، كما تضمَّنت المناشير تبني “داعش” عملية قتل وسيم سليمان الحويجة، للسبب ذاته. وكان الحويجة قد قُتِل في سوق بلدة ذيبان بريف دير الزور الشرقي في 7 كانون الأول (ديسمبر) الجاري، وقد تبنّى التنظيم سابقاً عملية الاغتيال.

الرد: إنزال جوي وإعدامات ميدانية

فور وقوع الهجمات، فرضت “قوات سوريا الديموقراطية” منذ ليل الجمعة الماضي حظراً على بلدة البصيرة بريف دير الزور الشرقي وقرى قريبة منها، منعت من خلاله التحرك داخلها ونشرت عشرات الحواجز داخلها. وشهدت مواقع قوات “قسد” القريبة من المنطقة استنفاراً عاماً تبين أنه بهدف التمهيد لحملة أمنية للرد على هجوم “داعش”. وقامت “قسد” مدعومة بقوات مكافحة الإرهاب “HAT” بنصب حواجز أمنية وإغلاق الطرق المؤدية للمدينة، حيث اعتقلت عدداً من الأشخاص بتهمة الانتماء لتنظيم “داعش”.

ومنتصف ليل الأحد- الاثنين، قامت قوات التحالف الدولي مصحوبة بقوة من “قسد” بعملية إنزال جوي في مدينة البصيرة بهدف إلقاء القبض على عناصر وقيادات من تنظيم “داعش”. وقال “المرصد السوري لحقوق الانسان” أنه “جرى إطلاق تحذيرات بأن المنطقة محاصرة بالكامل عبر مكبرات الصوت، مطالبين أشخاصاً بتسليم أنفسهم، وسُمعت بعد ذلك أصوات إطلاق نار ودوي انفجارات أيضاً، لم يُعرف سببها حتى اللحظة فيما إذا كانت ناجمة عن تبادل إطلاق نار، أم إطلاق نار من قبل القوة المداهمة فقط”.

وقالت مواقع إعلامية تابعة لـ”قسد” إن “وحدات مكافحة الإرهاب في “قوات سوريا الديموقراطية”، نفذت عملية أمنية استهدفت خلية لمرتزقة “داعش”، أدت إلى مقتل 5 مرتزقة وذلك قرب بلدة البصيرة في ريف دير الزور الشرقي”. وبحسب الموقع الرسمي لـ”قسد” فإن العملية تمت بعد عمليات تحرّي وجمع المعلومات والمتابعة الدقيقة للمطلوبين خلال الفترة الماضية.

وقال الموقع إن “أفراد الخلية الإرهابية بادروا بإطلاق النار على قوات المداهمة، ولعدم الاستجابة للنداء الآمن الذي أطلقته القوّات بعد تطويق المكان، ردت قواتنا على مصادر إطلاق النيران، الأمر الذي أدى إلى مقتل 5 من أفراد الخلية، حيث كان معظمهم يرتدي أحزمة ناسفة”.

وأضاف الموقع: “إن هذه العملية تأتي على خلفية الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها قواتنا والمؤسسات المدنية والخدمية في بلدة البصيرة من قبل خلايا إرهابية”.

وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون”، مساء الاثنين الماضي، أن قوات التحالف نفذت عملية مشتركة مع “قسد” استهدفت خلايا لتنظيم “داعش”، حيث نفذت إنزالاً جوياً بمدينة البصيرة شرق دير الزور، بعد منتصف ليل الأحد- الاثنين”.

مثلث التمرد على “قسد”

تشكل مدينة البصيرة إلى جانب جارتيها ذبيان والشحيل ما يمكن اعتباره مثلث التمرد ضد “قسد” الذي يستغله تنظيم “داعش” في فترات معينة من أجل توجيه ضربات إلى خصومه. وبحسب نشطاء مطلعين على تطورات البصيرة، فإن المدينة منذ أشهر عدة باتت واقعة ليلاً تحت سيطرة تنظيم “داعش” الذي لا يجد ما يعرقل حركته داخلها، الأمر الذي سمح له خلال هذه الفترة ببناء قوة لا يستهان بها مكنته على ما يبدو من تنفيذ هجومه الأخير.

وثمة غمز من قناة “قسد” بأنها اتبعت سياسة التغاضي تجاه تغلغل التنظيم في المدينة من أجل استخدامه كشمّاعة أمام واشنطن لإقناعها بعدم سحب قواتها من سوريا كما فعلت في أفغانستان وتفعل في العراق.

وكان التحالف الدولي قد نفذ أكثر من 7 إنزالات، في العام الجاري، على البصيرة وحدها، وضعفيها على الشحيل وذيبان، وقال إنه استهدف خلايا التنظيم، ضمن مساعيه لإنهاء وجود “داعش” عسكرياً وأمنياً، غير أن النتيجة كانت الفشل الذريع لسياسة الإنزالات، وأقوى دليل على ذلك أن التنظيم بدأ بإدخال مناطق الإنزالات ضمن خريطة نشاطه، فبدأ بالشحيل وذيبان قبل أن يصل مؤخراً إلى مدينة البصيرة التي تشهد الأحداث الحالية.

نقلا عن جريدة النهار

لقراءة االمادة من المصدر إضغط هنا

شارك عبر

مجموعة من المحررين من جانب إدارة محتوى بصرى الشام.

جميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة بصرى الشام الإعلامية
0
أضف تعليقx
()
x