وطن الأنبياء
أمازلـتَ مأسـورًا لـه وتكـابـدُ
أمازلتَ تكـوى بالهـوى وتجالـدُ
وماذا جنى الحبُّ المؤثَّلُ مـذ نمـا
بقلبك غضًـا مـا جنـى؟ فتعانـدُ
عشقتَ وما تدري عن العشق مذهبًا
سوى لفحةٍ فـي وجنتيـك تُشاهـدُ
وخانـك تعبيـرُ البلاغـة يافعًـا
فكـان لعينيـك الفصيـح يسانـدُ
فيالك مـن حـبّ ٍعلـى عتباتـه
منابـرُ أقـلامٍ نمـت ومعـاهـدُ
وألف حديثٍ عن صبابـة شاعـرٍ
وكم في الهوى العذريِّ قيلت قصائدُ
ويبقـى هـواك الفـذ أوَّل شهقـةٍ
وأوَّل إحساس ٍعلى الصدق شاهـدُ
أتـدري لطغيـان المحبـة لــذة
برغم الـذي نلقـى بهـا ونكابـدُ
كفاني بأنـي فـي المعانـاة سيّـدٌ
وأني بهـا بيـن العذابـات سائـدُ
وذا قدري عنـوان قهـرٍ ولوعـةٍ
ولكننـي بالصبـر راض وحامـدُ
ويرتع غيـري بيـن دلٍ وشهـوةٍ
وتركع دون الصبر منـي الشدائـدُ
فيا وطني إفرش جناحيك هـا هنـا
فنحن على رغـم التشتـت واحـدُ
وفي قلبك الخفَّـاق ِندنـو ونلتقـي
حنانيـك إمَّـا باعدتنـا الأبـاعـدُ
ويـا وطنًـا للأنبـيـاء تـفـرُّدًا
وحسبك في كـل العظائـم فـاردُ
ويا ملهمًا أحلـى القصائـد حبُّـهُ
ومستنطقًا مـا تصطفيـه القلائـدُ
تعاتبنـي الأيـام فـي ذكرياتهـا
وأعلم أنـي فـي نعيمـك جاحـدُ
وأدري بأني مـا وفيـتُ وإنْ بـدا
لغيري بأنـي فـي وفائـك عابـدُ
ونبضُك نبضي في مراكش رجعـه
وفي شاطئ البحرين خفقٌ يعـاودُ
يوحدنـا الجـرحُ العميـق بنزفـه
وتجمعنـا آمالـنـا والمقـاصـد
وكان مصاب القلب عمق وجودنـا
فكيف إذا ضُـمَّ الـذراع وساعـدُ
أكنا احتملنا فـي فلسطيـن طعنـة
فتأتي على بغـداد منهـم مكايـدُ
فيا وجعي شَّقـت عليـك حرائـرٌ
وصاحتْ علـى بغـداد أمٌّ ووالـدُ
ويا خجلي والعـذر مجبنـةٌ وكـم
بذلِّ حياةِ الجبن صيغـت شواهـدُ
ويا قدري لي فيك نائحـة الجـوى
تردّد في عمـق الأسـى وتعـاودُ
ويا وطني يا طودَ عـزّ ٍ ووحـدةٍ
عرينـك بيـتٌ للبريَّـة راشــدُ
تمرُّ بك الأهـوالُ حينًـا وتنتهـي
وأنت على هوج الزعازع صامـدُ
تصارع فيـك المستحيـل بحقدهـا
وهل نال من نبع الأصالـة حاقـدُ
يصورهـا التاريـخ مُـرَّ مـداده
فيشـرق وجـهٌ للعروبـة خالـدُ
وتسقـط فيـك العاديـاتُ ذليـلـةً
وتنهضُ فيـك الباقيـاتُ الروافـدُ
فمن رحـم المأسـاة تولـدُ أمـةٌ
ومن جرحها المفتوحِ يُولـد قائـدُ