كفاكم نفاقا ودجلا!
يحاجج البعض بأن علينا استثمار ودعم أي حدث، مثل احتجاجات السـ ـويداء، لإسقاط العصـ ـابة.
كلام في ظاهره جميل ومنطقي، لكن علينا وقبل طرحه أن نكون ملمين بالواقع لكي لا يتحول هكذا حديث لمجرد نفـ ـاق، واسترزاق، وكلام تذروه الرياح.
باختصار، لو استثنينا الترحيب بأي احتجاج حتى وإن كان في الساحل، ما هو محلنا من الإعراب؟ وما هي الأدوات التي نملكها لدعم احتجاجات معيشية لمنطقة خاضعة للسيطرة النظام ولم تنضم للحراك الثوري المستمر منذ 11 عاما؟
إذا كنا اليوم لا نملك من أمر وطننا وثورتنا وحتى وجودنا، إلا ما يقرره اللاعبون بنا، فكيف سندعم محافظة اختارت البقاء مع النظام؟
إذا كنا لا نملك ثمن رغيف خبز نرسله لمن هم بحاجة للقمة تسد رمقهم، فكيف نتبجح ونرتدي عمامة أكبر بكثير من مقاس رؤوسنا.
نحن مع أي جهد يسقط العصـ ـابة أو يضعفها، لكن هؤلاء لا يدعمون لكنهم ينافـ ـقون، وغالبهم يشتم الـ ـدروز في السر ويطبل لهم بالعلن استدرارا للعواطف، أو طلبا لدعم ودكان ارتزاق، أو حتى إرضاء لصديق أو صديقة.
نحن لم نكن شعبا واحدا في يوم من الأيام، بل مجموعة اثنيات وطـ ـوائف جمعتها بقعة أرض سميت سورية، واقتطعت من إقليم يسمى الشـ ـام، الذي بدوره اقتطع من دولة مزقت، بعد أن كانت تحكم العالم يوما، وكل ما حدث هو أن الثورة أسقطت القناع، ولو كنا شعبا واحدا لما رفعت شعارات “الجـ ـوع أو الركـ ـوع”، ولا “الأسـ ـد أو نحـ ـرق البلد”، ولا “يا لثـ ـارات الهسين”، ولو كنا شعبا واحدا لما رفعت الرايات المناطقية والإنفصالية هنا وهناك.
لو كنا شعبا واحدا لما انتهكت حرماتنا، ولما قتـ ـلنا، واعتقلنا، وعذبنا، ودمرت بيوتنا فوق رؤوسنا، ولما فعلت بنا الأفاعيل، فقد كان يكفي الجميع إسقاط طغمة أقلوية مجرمة، ولكن يا للأسف!
هي مشيئة الله وإرادته، ليقضي أمرا كان مفعولا، وإذا أراد الله أمرا فلا راد لقضائه، فهونوا عليكم.
كاتب وباحث سياسي سوري, منافح عن عقيدته غيور على أمته فخور بعروبته, من أوائل الذين إنخرطوا في العمل الثوري ضد نظام الأسد, شاركت في تأسيس العديد من الهيئات والإتحادات الثورية السورية, كتبت للعديد من المواقع والصحف السورية والعربية, كما انني شاركت بعشرات المداخلات التلفزيونية والإذاعية على الجزيرة وغيرها من المحطات التلفزيونية والإذاعية.