هل الفرج على سورية قريب؟!

 كثيرٌ من الناس المنكوبين، المهجَّرين، النازحين، واللاجئين الذين عانوا ولا يزالون يعانون، الويلات، والنكبات.. ويعيشون في مخيماتٍ ليس فيها خيام، أو فيها خيام مهترئة، ممزقة. فمن هبة ريح بسيطة، خفيفة، تقتلعها وتذروها إلى مسافات بعيدة.. ومن زخة مطر خفيفة تجعلها تبتل، وتنفذ المياه إلى داخلها، وتتشكل بحيرات في داخلها.

وكثيرٌ آخرون من المُعْتَرِّين، وممن أصابتهم خَلَّةٌ شديدةٌ، وخَصَاصةٌ مريعةٌ، وفقرٌ مدقعٌ، وحاجةٌ شديدةٌ، وسوءُ أحوال مزريةٍ.

وكثيرٌ منهم تركوا دورَهم، وضياعَهم، وبساتينَهم، وأموالَهم، ولجأوا إلى بلدان مجاورة قريبةٍ، أو بعيدةٍ، وسواءٌ منهم من أقام في خيمة، أو أقام في شقة صغيرةٍ أو كبيرةٍ في قريةٍ أو في مدينةٍ.. فإنهم يعيشون في قلقٍ، وهَمٍ، وحَزَنٍ.

هؤلاء وأولئك، دائماً يترقبون، ويتطلعون، ويتساءلون بلوعة حزينة، وحُرقةٍ شديدة، وهم في حالة بئيسة، وأوضاعٍ تعيسة، وغير مستقرة ( هل الفرج على سورية قريب؟! ).

وللإجابة على هذا السؤال الهام جداً، والمتكرر يومياً، على ألسنة المعذبين، والبائسين، وهم يتلهفون بشوق لمعرفة الجواب..

الواقع الميداني، والسنن الكونية

 

يجب استعراض الواقع الميداني، واستعراض السنن الكونية، المسؤولة عن تحقيق الفَرَج أو تحقيق النصر.

فحسب رؤيتينا للواقع الميداني.. واستشرافنا للمستقبل.. وتحليلنا المبني على السنن الكونية الثابتة، التي لا تتغير ولا تتبدل..

واعتمادنا على عدم تجاوب الناس للقتال في منطقة الساحل.. التي تحتوي الخزان البشري، والعسكري، والمليشياتي، والشبيحة، للنظام.. والتي إذا سالت فيها دماء هذه الطائفة النكدة، المنكودة، الملعونة، أنهاراً وبحاراً .. سقط النظام الأسدي فوراً…

وبما أن الجنود الأشاوس، والذين تنتشر بين الفينة والأخرى صورهم، وهم – كما يقالون – يرابطون على الثغور!!!

ولكنهم الحقيقة! هم قد أخلدوا إلى النوم، والراحة من عناء عشر سنوات من القتال – كما قال لي مرة مرشدهم ومعلمهم – فهم محتاجون إلى الراحة.

فيبدو أن الفرج بعيد.. بعيد.. إلا أن يشاء الله أمراً آخر.. وهو فعال لما يريد..

ولا غرابة في هذا الجواب الصادم، والمزعج والمؤلم والذي قد يسميه – بعض الجهلة في التاريخ، وفي قواعد العلوم الإنسانية، وعلوم المجتمع – إحباطاً، وتيئيساً!!!

لأن هؤلاء المساكين المعذبين ! يحبون من يضحك عليهم، ويمنيهم بالأماني العِذاب، وبالأحلام الوردية، مثل ذلك الدجال المتكهن، الذي يزعم أنه بعد شهر تقريباً.. سيتبخر الاحتلال عن فلسطين، وعن الأقصى.

فيصعب عليهم تقبل الحقائق المرة وهي: أن الأمة المستكينة، الخانعة.. لن تستطيع تحرير شبر واحد من الأرض المحتلة.. إلا أن تخرج من شرنقة الاستكانة، والخنوع، وتصبح حرة.

كما حصل في القرن الرابع الهجري وبالضبط في عام 359 إذ احتل العبيديون الباطنيون، الشام والحجاز 109 سنة، بعد أن احتلوا مصر وشمال أفريقيا وغيروا الآذان إلى الأذان الرافضي ، ونشروا الزندقة ، وأخذوا يلعنون الصحابة، وأمهات المؤمنين على المنابر…

سبب سيطرة العبيديين

 

ولكن لماذا تمكن هؤلاء العبيديون – وهم فرقة كافرة مشابهة للقرامطة، وللنصيريين.. وتحمل حقداً دفيناً، وكراهية لا متناهية، للإسلام والمسلمين – من احتلال قسم كبير من البلاد الإسلامية، علماً بأن أصلهم غير مسلم، ومن السلمية بالذات – كما يقول ابن كثير في البداية والنهاية -.

لقد كان يوجد فيها شخص يهودي، يعمل حداداً، واسمه سعيد.. فتركها وذهب إلى المغرب في أواخر القرن الثالث الهجري، وتسمى باسم عبيد الله، وادعى أنه شريف علوي فاطمي، وأنه المهدي.. فصدقه جهلة المسلمين، والتفوا حوله، وصارت له دولة وجولة وصولة، وبنى مدينة سماها المهدية، نسبة إليه، وصار ملكاً مطاعاً، وأخذ يُظهر الرفض، والكفر المحض، والناس يتبعونه، ويقلدونه بشكل أعمى.

ونفس الأمر حصل مع عائلة الأسد، كما يقول طيف بوست:

(فالبعض يؤكد أن أصل العائلة من مدينة “أصفهان” الإيرانية، وثم اتجهت إلى “كيليكية” في تركيا، ثم انتهى بها المطاف في بلدة “القرداحة” التابعة لمحافظة اللاذقية على الساحل السوري، وذلك بعد أن جاء إليها “سليمان” جد حافظ الأسد.

(لكن مصادر أخرى أشارت إلى أن “سليمان” جد حافظ الأسد، كان يدعى “سليمان البهرزي” نسبةً إلى مدينة “بهرز” التابعة لمنطقة “ديالى” التي تقع في شرق العراق.

(وأكد المؤرخ العراقي خلال المقابلة التلفزيونية أن جميل الأسد قال له: “أن عائلة الأسد كاكائية الدين، وتنحدر أصولها من قضاء خانقين الذي يقع على الحدود الإيرانية العراقية

والحقيقة الساطعة:

( أن هذه العائلة التي حكمت سوريا طيلة العقود الماضية باسم الطائفة العلوية، هي في حقيقة الأمر لا تمت لها بأي صلة على الإطلاق، ولا تمت للشعب السوري بشكل عام.).

وهكذا نرى، أن السبب في هذه المآسي التي حلت ببلاد المسلمين أيام الفاطميين، واستمرت أكثر من مائتين سنة في مصر، وأكثر من مائة سنة في الشام والحجاز، وما يحصل الآن أيام النصيريين، لمدة ثنتي وخمسين سنة، هو: انتشار المعاصي، والفسق، والفجور بين الناس، وابتعادهم عن منهج الله تعالى.

طريق الفرج والنصر

 

وقد لخص عمر بن الخطاب رضي الله عنه هذا الأمر بجملة واضحة ( نحن قوم كنا أذل الناس، فأعزنا الله بالإسلام، فمهما نبتغي العزة بغير الإسلام، سيذلنا الله ).

وحالما يظهر لدى المسلمين شيء من الرجوع إلى دين الله، والتوجه له بالدينونة، والعبودية له وحده، فإن الله تعالى رأساً، يمدهم بالقوة، والنصر على أعدائهم..

وهذا ما حصل حينما التقى جيش المسلمين وعددهم عشرون ألف مقاتل، بقيادة ألب أرسلان، مع جيش الروم وعددهم مائتا ألف مقاتل، بقيادة أرمانوس، في منطقة ملاز كرد في جنوب شرقي الأناضول، وذلك في عام 463 هج، وحقق المسلمون انتصاراً باهراً ومظفراً، وأسروا قائد الروم أرمانوس .

وبعد هذه الموقعة بخمس سنوات، وبعد مقتل ألب أرسلان، وتولي السلطة ابنه ملكشاه، جاء رجل خوارزمي في عام 468 هج – ليس شامياً ولا عربياً – اسمه الأقسيس أتسز بن أوف، أحد قواد ملكشاه بن ألب أرسلان السلجوقي، فقضى على الحكم العبيدي، وطهر الشام والحجاز من شروره.

وعلى نفس النسق، وعلى نفس المنهاج، فإنه لا فرج في سوريا إلا بالقتال في سبيل الله، وبالذات في الساحل.. وذلك بتكوين مجموعات فدائية، قتالية، مؤمنة بالله تعالى، تعمل عمل حرب عصابات في مناطق النظام الأسدي..

وإن لم يفعل السوريون ذلك، ولم يذيقوا الموالين للنظام، نفس العذاب والهوان الذي أذاقوه للمسلمين الرافضين، والمعارضين له، فماذا ينتظرون؟!

هل ينتظرون أن يأتيهم اللهُ في ظلل من الغمام والملائكةُ؟  كما قال الله تعالى عن المعاندين، الذين لا يريدون الدخول في الإسلام ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ﴾ البقرة 210.

وماذا يأملون؟!

هل يأملون أن يأتيَ الأمريكيون، أو الأوروبيون، أو الأفريقيون، أو الأوكرانيون، ليحرروا بلادهم عوضاً عنهم؟!

وماذا يتوقعون؟!

هل يتوقعون أن تخرج الشياطين، والجان، والمردة من تحت الأرض؛ لتحرر أرضهم، وتُرجع لهم دورهم، وبساتينهم، ومزارعهم، وأملاكهم؟!

لن يُحرر أرضهم إلا هم.  

 

فو الله الذي لا إله إلا هو! ليجعلن السوريون، العالم كله، يركع تحت أقدامهم، بمجرد أن يقوم ثُلةٌ من الشباب الفدائيين، المجاهدين، المؤمنين، ببضع عمليات نوعية، في مناطق الأسد.. فيتم قتل كبار عائلته، وكبار مشايخ طائفته.

وبمجرد أن يشعروا بأن الخطر قد داهمهم، وأصبح على أبوابهم.

حينئذ! سينهار النظام، وتتزلزل أركانه.

وحينئذ! سيستغيثون، ويستغيث معهم أسيادهم؛ لإيقاف سفك دمائهم؛ ولإيجاد حل يرضي الأحرار.

لأن الله تعالى.. قد وضع قانوناً للحياة، ثابتاً لا يتغير ولا يتبدل.. وطلب فيه من المؤمنين.. أن يتولوا هذه المهمة.. مهمة مجابهة الأعداء، والدفاع عن الحرمات، والأعراض، وعن المستضعفين.. ليعلم الله من يجاهد، ويضحي بكل ما يملك في سبيل الله.. ومن يركن إلى الدنيا، ويلتصق بالطين، وينغمس في الشهوات..

لذا، فإن الفرج لم يولد بعد، والذين يتواكلون ويستشهدون بأن نصر الله قريب.. يخادعون أنفسهم، ويكذبون على أنفسهم.. فهو قريب حقاً، لكن، من المحسنين، المؤمنين الصادقين، المجاهدين.. أما القاعدون المستكينون.. والذين يلوكون هذه الآيات العظيمة لتبرير قعودهم.. فهو بعيد عنهم بعد المشرقين…

والفرج سيتحقق يقيناً وسريعاً، حينما يبدأ تحقيق ما ذكرناه آنفاً، وحينما يتحرر الشباب المؤمن الصادق من الوصاية الخارجية، ويخططون لعمليات نوعية، باستقلالية تامة، وحينما يمدهم بالمال والسلاح، رجال أعمال سوريين صادقين، بدلاً من التوجه إلى دول خارجية، تفرض شروطها، وهيمنتها عليهم..

شارك عبر
جميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة بصرى الشام الإعلامية
0
أضف تعليقx
()
x