عن “العربية” وأخواتها!!
يقولون ان لكل مؤسسة إعلامية أجندتها الخاصة بها والتي أنشئت لأجلها، فالإعلام أحد أهم أسلحة عصرنا، الذي لا يمكن الاستغناء عنه بحال من الأحوال، فهو الذي يشرعن للأنظمة ويستر عوراتها ويظهر مكرماتها وهباتها للعبيد، هو صوت السادة وسوطهم، هو الرياح تهب والشمس تسطع، هي الفضيلة والرذيلة في آن معا.
لقد كان لظهور الجزيرة على الساحة الإعلامية الأثر الأكبر في ولادة عصر الإعلام الفضائي العربي المفتوح، وبداية سباق محموم للسيطرة على عقول العرب، في معركة الصراع الإعلامي بين الأنظمة العربية التي كان إعلامها الرسمي أشبه ما يكون بأموات (نفخ في الصور فإذا هم قيام ينظرون).
إنشاء قناة العربية الإخبارية جاء نتاجا طبيعيا لإنشاء قناة الجزيرة ويمكن وضعه في إطار الرد على الجزيرة القطرية التي كانت أشبه ما تكون بإعصار مدمر إجتاح المنطقة دون سابق إنذار، ما تسبب بحالة من الذعر والهلع لدى أنظمة المنطقة التي هالها الموقف ولا زالت تحت تأثير الصدمة وتحسب لهذه المؤسسة ألف حساب.
حتى تنجح لا بد لك من استقطاب الكفاءات، والكفاءات في الإعلام أشكال وألوان، وجوه باسمة أذرع وسيقان وشيء من لكنة لسان، فوسد الأمر إلى أهله وأعطي الخباز خبزه ولو أكل نصفه، فعندما يكون خطابك موجها لشريحة مستهدفة، فعليك مخاطبتها بلغتها، فإذا ما كان التوجه العام لك هو العداء لتحرر الشعوب العربية ومحاربة أي صحوة إسلامية كما هو توجه العربية، فعليك ان تعطيها من طرف اللسان حلاوة ثم تروغ كما يروغ الثعلب.
المبالغة والتضخيم والمراوغة وخلط الأوراق وإستهداف النخب الدينية هي السمة الأبرز المعروفة عن قناة العربية المحسوبة على دولتان خليجيتان هم العربية السعودية التي يحمل جنسيتها مالك الشبكة الإعلامية، وكذلك دولة الإمارات التي تبث منها هذه القناة، وهو ما يطرح جملة التساؤلات حول السياسات التي تتبعها هذه المحطة التي لم توفر وسيلة تطعن بها في ثورات الشعوب إلا واستخدمتها، ثم تصدت لأي محاولة لنصرة الشعوب العربية من قبل رجال دين سعوديين على وجه الخصوص، حيث التهمة الجاهزة الدعوة للتطرف والإرهاب.
على الجانب الآخر سنشاهد نفس القناة تشرعن الثورات المضادة، فتشرعن لها وتبرر لها إجرامها بحق الشعوب، ليس هذا وحسب بل إن الأمر قد وصل مرحلة تجعل المتابع في حيرة من أمره، فالحشد الشيعي الطائفي هو حشد شعبي وجيش عراقي، والإرهاب الحوثي الطائفي هو تمرد، بينما سنجدها تصنف أي فصيل ثوري سني على أنه مليشيات مسلحة بينما تنعت أي فصيل إسلامي سني بالإرهابي المتطرف، حتى الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة ضد الكيان الصهيوني لم يسلما من هذه القناة المشكوك في توجهاتها.
سقطات العربية ليست عفوية لا إرادية بل هي سياسة مدروسة يخطط لها فريق من متصهين أكثر من الصهاينة أنفسهم، لذلك نراهم يشنون حربا على الدين والأخلاق والقيم، حرب على التاريخ والعقيدة والشيم، حرب على الثوار والأحرار والأخيار، فصدق فيهم قول عز من قائل: (قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَر). فقد جمعوا الأراذل من شياطين أو بشر.
يقول المتنبي: وإذا أتتكَ مذمّتي من نَاقص… فَهيَ الشهادَة لي بأني كامل
يقال إن “كل يرى الناس بعين طبعه”، فالسوريات لسن بعاهرات ولا سحاقيات، ولا يملكن ترف السفر إلى جزر العراة والسحاقيات كما يفعل مترفو العرب وأثرياؤهم..
السوريات تحملن الأذى، وصبرن على الضيم وشظف العيش، وكابدن مرارة فقد الأب والابن والأخ على يد مجرم حرب مدعوم من الشرق والغرب وكثير من العرب، السوريات عشن مرارة حرب السنين الخمس، ثم خرجن هائمات على وجوههن، يطلبن الأمان، في أرض الغريب لا أرض الأخ والقريب، فقد عز الناصر وعز المعين، خرجن سترا لا بحثا عن ليالٍ حمراء، فلا تجعلوا منهن مادة لرخصكم، ولا تتاجروا بمأساتهن.
ليست فقط “العربية” هي من تعرض لأعراض المهجرات من السوريات فأختها الأخرى “سكاي نيوز عربية” التي تبث من دولة الإمارات، لها مع السوريات قصص وحكايات، ليس أقلها وصفهن بالعاهرات المومسات، حتى إن المرء ليتساءل: ما الذي يدفع هكذا محطات لتشويه صورة شعب ذاق الويل وعانى الأمرين؟ هل هو الحقد؟ أم إنه تجارة، وربما بحث عن الإثارة، وقد يسمونه شطارة، أم ترويج للجنس وللدعارة؟!
تمييع المآسي والقضايا، إشغال الأمة بتوافه الأمور، وإلهاء لشبابها عن الخطب الجلل الذي نعيش والخطر الداهم الذي نواجه، لكننا وعندما نعلم من هم القائمون على هذه الشبكة ستتضح الصورة لكل ذي عين بصيرة.
كلمة نقولها للمالك والداعم والعاملين على هذه القنوات المحسوبة علينا: اتقوا الله في الشعب السوري ودعوه لشأنه، وكفوا أذاكم عنه، فإن الله مبتليكم بما تفترون، ومن كان بيته من زجاج لا ينبغي له رمي الآخرين بالحجارة.
المرأة السورية أشرف وأطهر من أن تمسوها بسوء فكأني بها “لها حكم لقمان وصورة يوسف… ونغمـة داود وعـفـة مريمِ”.
كاتب وباحث سياسي سوري, منافح عن عقيدته غيور على أمته فخور بعروبته, من أوائل الذين إنخرطوا في العمل الثوري ضد نظام الأسد, شاركت في تأسيس العديد من الهيئات والإتحادات الثورية السورية, كتبت للعديد من المواقع والصحف السورية والعربية, كما انني شاركت بعشرات المداخلات التلفزيونية والإذاعية على الجزيرة وغيرها من المحطات التلفزيونية والإذاعية.