هل تستطيع تركيا تصحيح مسار العلاقة مع السوريين؟

صحيح أن عصابة الأسد وداعميها كانوا السبب في الكوارث التي حلت بسورية والسوريين، لكن كل ما حدث للسوريين لاحقا من مآس وتهميش كان بسبب نخب ومؤسسات فاسدة نصبت نفسها ممثلة للسوريين، أو فرضت عليهم، فباعت نفسها بثمن بخس لا تستحقه حتى، فقدمت مصالحها الحزبية والشخصية على مصالح أمة ووطن، وتاجرت بدماء ومآسي الناس.
لولا صمت وخنوع ونفاق هؤلاء، لما وصلت الامور لما وصلت إليه، ولما شاهدنا كل هذا التهميش لحقوق السوريين حتى داخل وطنهم.
أحداث #قيصري وما تلاها من ردود فعل في الشمال السوري، قدمت فرصة جديدة لتلك الإمعات والرويبضات التي صمتت طويلا على التجاوزات، لتظهر مجددا على الساحة، وتقدم نفسها حريصة على مصالح الناس، وروابط الأخوة مع الجارة الشمالية، وتطالب الناس بالتهدئة.
يخطئ صانع القرار التركي إذا ظن أن تلطيف الأجواء مع السوريين وكسب ثقتهم مجددا، وتصحيح مسار العلاقة معهم، يمر عبر تقريب ودعم تلك الحثالات ومنحها امتيازات إضافية، فالأحداث أثبتت عمق المشاكل والخلافات بسبب التجاوزات على حقوق الناس وعدم تمكينهم.
تصحيح مسار العلاقة وإن بحدوده الأساسية، يقتضي تحييد تيار النفاق والالتفات إلى معاناة السوريين، وعدم تعيين الفاسدين، ولا تجنيد السوريين مرتزقة للقتال أينما دعت الحاجة، ولا فرض سياسات وتفاهمات لا تحقق لهم هدف إسقاط العصابة وتحقيق العدالة.
الائتلاف، والمجلس الإسلامي، وفيالق وفرق المرتزقة، من حراس حدود ودوريات وتجار معابر، وغيرها من التجمعات والمنظمات الوهمية، تتحمل مسؤولية كل هذا التردي في العلاقة بيننا وبين جارتنا الشمالية.
تصحيح مسار العلاقة يبدأ حتما بإزاحة هؤلاء عن قضية تمثيل السوريين التي يجب أن يتولاها أشخاص أكفاء، لا إمعات ورويبضات ومرتزقة يعملون تيوس تحليل.
ترحيل السوريين من تركيا وتشتيت شملهم وهدم حياة جاهدوا لصنعها، أو منعهم من الانتقال إلى دول أخرى، لن يجعل منهم حزاما بشريا يحمي حدود تركيا الجنوبية ضد حزب العمال، بل سيؤسس لمزيد من العداء والأحقاد تجاهها.
من خلال معرفتي ومتابعتي لسياسة #تركيا في #سورية تحديدا استبعد أن تقدم على أي تغييرات حقيقية وجوهرية تخدم مسار تصحيح العلاقة، لكن هذا لا يجب أن يمنعنا من وضع الأصبع على الجرح، وتحديد مواطن الخلل.
كان يمكن لتركيا أن تجعل من السوريين سدا منيعا وحليفا قويا لها، لكنها فرطت بهم وباعهم بثمن بخس فخسرتهم، فهل تستطيع إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، أم أن أوان ذلك قد فات!
كاتب وباحث سياسي سوري, منافح عن عقيدته غيور على أمته فخور بعروبته, من أوائل الذين إنخرطوا في العمل الثوري ضد نظام الأسد, شاركت في تأسيس العديد من الهيئات والإتحادات الثورية السورية, كتبت للعديد من المواقع والصحف السورية والعربية, كما انني شاركت بعشرات المداخلات التلفزيونية والإذاعية على الجزيرة وغيرها من المحطات التلفزيونية والإذاعية.