سورية إلى أين؟

ليكن معلوما أن أي محادثات وترتيبات خاصة بالشمال السوري بين الجارة الشمالية وروسيا، لا يمكن أن تخرج عن المظلة الأمريكية.
سواء كانت المحادثات فتح معابر أو استكمال استقطاعات وتسليمات وتوزيع حصص، فإنها بحكم وضع اليد من خلال دول لا يمكن تصنيفها إلا على أنها استعمارية أو محتلة تتقاسم تركة أرهقت وأغرت الجميع.
دوام الواقع الحالي غير ممكن ولا بد من نقلة نوعية إلى الأمام، ومن غير الواقعي اليوم إعادة لم شمل ما تشرذم من سورية، لهذا من المرجح أن يكون التنافس على اقتسام الحصص.
الولايات المتحدة تسيطر على ثلث سورية الغني بالثروات الباطنية والأرض الزراعية من خلال السيطرة الكلية أو الجزئية على ثلاث محافظات هي الحسكة والرقة ودير الزور، التي تنتشر فيها أكثر من 25 قاعدة ومطار عسكري أمريكي.
ما تبقى من محرر عبارة عن كانتونات مخنوقة تخضع لك منها لسيطرة والي الولاية الأقرب من الجارة الشمالية التي تريدها حديقة خلفية وسياجا بشريا يضمن حدودها الجنوبية وخزانا بشريا من المرتزقة الذين يمكن تجنيدهم وإرسالهم إلى حيث تقتضي الضرورة في أي قارة من القارات.
معضلة تنظيم الدولة في سورية لن تنتهي ولن تحل قريبا، بل ستزداد الظاهرة وتتوسع طالما بقي الظلم، ووجود التنظيم هو ما يعيق أي مشاريع مستقبلية خاصة بسورية وما تبقى من محرر، لهذا هناك خشية من انفراط عقد الفصائل وفقدان سيطرتها على الناس وبالتالي تحررهم من القبضة الأمنية بالوكالة.
الجنوب درعا والقنيطرة في حكم الساقط أمنيا وعسكريا وهو خارج السيطرة لولا وجود الميليشيات الرديفة للأمن العسكري (جيش حر سابقا) التي اسستها الموك.
السويداء مستقبل مجهول ينتظر تقرير مصير باقي المناطق، ومرشح على كل الاحتمالات ومن السابق لاوانه الخوض فيه.
كل دولة من الدول التي تحتل سورية (أمريكا، روسيا، ايران، تركيا) تتخندق بمرتزقة يؤمنون لها حماية قواتها وقواعدها، وتقاتل بهم.
ومن يدري فقد نشهد تقسيم سورية إلى 6 كانتونات.
تصفية غزة وإزالة تهديدها العسكري سيغري اللاعبين بالانتقال إلى ملف جديد: لبنان ثم مصر ولاحقا جزيرة العرب أو تركيا إضافة للسودان الجاري تفتيته وانهاؤه.
من عوديد يانون، إلى خرائط برنارد لويس المعدلة عن عوديد، إلى رالف بيترز وحدود الدم، إلى جيفري غولدبيرغ، وصولا لمخطط إيران بالتغيير الديمغرافي، كثيرة هي مخططات التقسيم التي جرى الإعداد لها ولم تتضح بعد صورة المخطط الذي يمكن اعتماده وفق المعطيات على الأرض.
الثابت أن الشام هي بيضة القبان وستشهد صراعات مريرة بين المتناحرين من جهة، وبينهم وبين المسلمين أهل الأرض من جهة أخرى، أما سورية التي تعرفونها سابقا فقد إنتهت إلى غير رجعة، وكل ما تسمعونه من شعارات وجعجعات منظمات وهيئات وهمية له هدف واحد: الارتزاق ولا شي غير الارتزاق، فمأساة الشام كانت الدجاجة التي تبيض ذهبا لكل هؤلاء.
كاتب وباحث سياسي سوري, منافح عن عقيدته غيور على أمته فخور بعروبته, من أوائل الذين إنخرطوا في العمل الثوري ضد نظام الأسد, شاركت في تأسيس العديد من الهيئات والإتحادات الثورية السورية, كتبت للعديد من المواقع والصحف السورية والعربية, كما انني شاركت بعشرات المداخلات التلفزيونية والإذاعية على الجزيرة وغيرها من المحطات التلفزيونية والإذاعية.